پاورپوینت المحاضرة الأولى

پاورپوینت المحاضرة الأولى (pptx) 11 اسلاید


دسته بندی : پاورپوینت

نوع فایل : PowerPoint (.pptx) ( قابل ویرایش و آماده پرینت )

تعداد اسلاید: 11 اسلاید

قسمتی از متن PowerPoint (.pptx) :

الفصل الأول العراق تحت الاحتلال البريطاني 1914-1920م الأهمية الاستراتيجية والجغرافية والاقتصادية للعراق يعد العراق مكان جغرافي وتاريخي واحد على الرغم من اختلاف الأعراق والمذاهب المكونة له،فهو يشكل أمتدادًا منفتحاً طبيعًا وبشرياً لما جاوره من أقاليم عريية أرتبط معها،علاوة على أواصر التاريخ والجغرافية، فقد أرتبط بها بأواصر الدولة الواحدة على مر الأزمان،ففي عهد الدولتين البابلية والآشورية والتي يرجع تأريخها إلى ماقبل الألف الثالث قبل الميلاد،كان أمتداد الدولة على مجمل بلاد الشام والجزيرة العربية وصولاً إلى مصر التي فتحها الآشوريون وضموها لممالكهم.وبقى العراق كيان ومكون واحد منذ الدولة العربية الإسلامية وحتى الدولة العثمانية التي قسمته إداريًا إلى أربعة ولايات هي البصرة والموصل وشهرزور وتقع هذه الولايات الثلاث تحت هيمنة الولاية الرابعة الأم بغداد بعدّها العاصمة السابقة للخلافة الاسلامية. أما موقع العراق الجغرافي وشكل تضاريسه غير المعقدة وموارده المائية والطبيعية والزراعية منحته عمقًا إستراتيجياً دوليًا مهمًا في السياسة الدولية. تقع بلاد العراق في الجزء الغربي من قارة آسيا، فيشكل العراق المدخل الحدودي للوطن العربي الكبير أو ماسمي اصطلاحًا القارة العربية مع آسيا من الشرق والخليج العربي من الجنوب والعالم العربي من الجنوب والغرب وتركيا ثم أوروبا من الشمال. فضلاً عن أنه أحد أهم الولايات والأمصار التابعة للدولة العربية الإسلامية على مر العصور. إذ أستقبل دولة الخلافة العباسية على أراضيه فكانت بغداد عاصمة الخلافة لما دخل المغول بغداد في عام  1258م بعد مقاومة عنيفة، وفتكوا بأهلها سبعة أيام أو تزيد، تم تخريب المدينة وحرقها وقتل سكانها وبذلك أنتهت الخلافة العباسية اذ أنتقلت الخلافة إلى استانبول لتبدأ حقبة السيطرة العثمانية. العراق تحت الاحتلال العثماني      حكم العثمانيون العراق كونه ولاية من ولايات الدولة العثمانية أما المماليك فحكموا ولايات العراق الأربعة بين عامي1775م و1831م كولاة تابعين للدولة العثمانية،وتميزت فترة حكم المماليك بظهور دور ملحوظ للقوى الأوروبية لاسيّما بريطانيا وذلك من خلال الدعم البريطاني السياسي والتجاري للحكام الأغوات المماليك،الأمر الذي أضاف عاملاً جديدًا في إبقاء السلطة بيد المماليك وترسيخ السيطرة العثمانية غير المباشرة.انتهى حكم المماليك في تشرين الأول عام 1810م على يد العثمانيين لأسباب تتعلق بمحاولة حكم المماليك للعراق بشكل مركزي بعيدًا عن سيطرة الدولة المركزية في استانبول. وظلت الأسر المحلية في العراق تحكم بموجب فرمانات من السلطة العثمانية كأسرة آل جليلي في الموصل وأسرة بابان في السليمانية. كانت الحقبة التي حكم فيها العثمانيون العراق، والتي استمرت قرابة الأربعة قرون ، من أسوأ الحقب في تاريخ العراق، فقد كان عصر من التخلف قاتم الظلمة عانى خلاله الشعب العراقي صنوفاً من الاضطهاد البشع، تجلى في سياسة التتريك ومحاولة طمس اللغة العربية ،وتجنيد شبابه في حروب استعمارية لا مصلحة للشعب العراقي فيها ،واستغلال خيرات البلاد وثرواتها ،أبشع استغلال، مما أعاد العراق إلى القرون الوسطى، بعد أن كان قبلة العالم في تطوره وتقدمه، في الوقت الذي كانت أوروبا تغوص في ظلامها الدامس.     لم يكن الشعب العراقي راضياً بالاستعمار العثماني، على الرغم من محاولة الحكام العثمانيون تغليف حكمهم بجلباب الدين الإسلامي، وكان يسعى جاهداً للإفلات من ذلك الطوق الخانق، فقد ظهرت عدة حركات وطنية ترمي إلى التحرر من الاحتلال العثماني، وإقامة حكم وطني متحرر، كما قامت العديد من الانتفاضات، في الأرياف والمدن ، ضد الأتراك، كان أشهرها ثورة بغداد في 13 حزيران 1831م. كما قامت عدة انتفاضات في الريف العراقي بقيادة بعض شيوخ العشائر ذوي النزعة الوطنية التحررية،سواء في المناطق العربية أم الكردية،لكن الحكومة العثمانية كانت تلجأ إلى أقسى درجات العنف لقمع تلك الانتفاضات،وتنفذ موجات من الاعدامات بحق النشطين من الوطنيين.     وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين أخذت الدولة العثمانية بالتفكك والانحلال، حتى دُعيت(بالرجل المريض)، وأثار ضعف هذه الدولة  شهوة المستعمرين الأوربيين للحصول على موطئ قدم لهم في هذه البلاد الغنية بثرواتها فضلاً عن موقعها الاستراتيجي عن طريق الشركات التجارية وشركات الملاحة  مستخدمين العديد من الجواسيس والوكلاء،واستطاعوا عن طريق الرشاوى والهبات أن يبسطوا نفوذهم على العديد من الولايات والسلاطين العثمانيين الضعفاء. واشتد التكالب على النفوذ بين المستعمرين البريطانيين والألمان والفرنسيين بشكل خاص  للهيمنة على ممتلكات الدولة العثمانية، وكان للعراق نصيب في هذا التنافس والتكالب الذي بلغ أشده عندما استطاعت ألمانيا الحصول على امتياز سكة حديد الشرق، والذي أثار قلق الحكومة البريطانية الشديد. كان الصراع بين المستعمرين الجدد لتقسيم نفوذهم وسيطرتهم على العالم يتصاعد شيئاً فشيئاً حتى بلغ ذروته في عام 1914م،عندما لجأ المستعمرون إلى قوة السلاح فيما بينهم ،فقامت الحرب العالمية الأولى،والتي اكتوى بلهيبها العالم اجمع،وكان أن دخلت الدولة العثمانية الحرب إلى جانب المانيا ،ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية.كان الصراع بين المستعمرين رهيباً جداً،دفع خلاله العالم الملايين من الضحايا،وحاولت الدول الاستعمارية جرّ العرب لإعلان الثورة ضد الأتراك،واعدين إياهم بتحريرهم من هيمنة السيطرة العثمانية،ومنحهم حريتهم واستقلالهم،واستطاع البريطانيون النجاح في مسعاهم هذا وجرّ جانب كبير من الزعماء العرب إلى جانبهم،وكان على رأس أولئك الملك الحسين بن علي،ملك الحجاز، الذي أعلن الثورة العربية ضد الأتراك،إثر اتفاق(حسين- مكماهون) في تموز عام 1915م، وقاتل إلى جانب بريطانيا اعتماداً على التعهد الذي قطعته له بضمان استقلال البلاد العربية، وتنصيبه ملكاً عليها بعد نهاية الحرب. لكن المستعمرين كانوا قد رتبوا أمورهم،وتقاسموا النفوذ والسيطرة على البلاد العربية فيما بينهم  بموجب معاهدة(سايكس بيكو)السرية عام 1916م،ومن ثم بموجب مؤتمر (سان ريمو)في عام 1920م وأصبح العراق فريسة للاحتلال البريطاني اذ دخلت القوات البريطانية الفاو في 7 تشرين الثاني 1914م وانتهت من احتلال الموصل عام 1918م ومن ثم فرض الانتداب البريطاني على العراق عام 1920م. الاحتلال البريطاني للعراق 1914- 1918م أولاً: مقدمات الاحتلال البريطاني وأسبابه خططت بريطانيا كدولة عظمى لتوسيع نفوذها في العراق تمهيدًا لاحتلاله وضمه إلى مجموعة ممالكها منذ عصر الاستعمار،وهو حقبة ما بعد عصر النهضة في أوروبا إذ نمت حركة استكشاف العوالم الجديدة في أصقاع الأرض النائية كالأميركيتين وأستراليا ونيوزيلاندا وغيرها لأسباب تتعلق بالهوس لاكتشاف عوالم جديدة ولإثبات كروية الأرض ونشر الديانة المسيحية والسيطرة على تجارة الشرق،كما جرت العادة على ضم هذه الممالك الى الدول الكبرى في ذلك الوقت كبريطانيا،وفرنسا وروسيا وألمانيا والنمسا وإسبانيا والبرتغال وهولندا وغيرها وتوسع الأمر إلى التنافس بالهيمنة على الدول الأخرى غير الأوروبية أو مايسمى بالسياسة الاستعمارية،وذلك لأسباب إستراتيجية تتعلق بالسيطرة على خطوط المواصلات العالمية التي تعد عصب الحياة الأوروبية في ذلك الوقت، فخطوط المواصلات تلك كانت تُعد شريان الحياة للدول الاستعمارية وذلك بعد فترة الثورة الصناعية وحاجة تلك الدول للمنافذ التسويقية لتصريف بضائعها التي بدأت تتكدس جراء حركة الإنتاج والعمل على نطاق واسع بعد إشباع السوق المحلية الأوروبية،كما أنها في الوقت نفسه أضحت بحاجة إلى مواد أولية كالحديد والفحم الحجري والخشب وغيرها ولاحقًا حاجتها إلى الأيدي العاملة الرخيصة لأدامة عجلة الصناعة المدنية منها والحربية المتنامية.ثم تعاضم دور الدول المستكشفة والتي تم استعمارها بعد اكتشاف النفط كوسيلة من وسائل حركة عجلة الحياة. بريطانيا وكدولة استعمارية كبرى سبق وأن هيمنت على الهند والتي أسمتها(درة التاج البريطاني)لما للهند من مميزات هامة على رأسها، وجود الموارد المعدنية من ضمنها التوابل بأنواعها ولكون الهند من الدول الأولى في إنتاج العديد من المواد الأولية كأرقى أنواع الخشب والتوابل وغيرها من المواد الأولية.فضلاً عن وقوعها في وسط آسيا وعلى المحيط الهندي مما منحها موقعًا استراتيجيًا تعد بموجبه محطة للرحلات التجارية والاستكشافية والعسكرية البرية والبحرية تربطها بشرق وجنوب شرق آسيا،إذ ارتبطت بريطانيا بعلاقات تجارية كبيرة مع الصين واليابان وكوريا وسيام وتايلاند وفيتنام وسنغافورة وماليزيا وإندونيسيا والفلبين، لذلك طمعت بريطانيا باحتلال الهند وبقى هذا الاحتلال قرابة أربعمائة سنة. ونتيجة هذا الاستعمار وجراء النضال الطويل الدامي للشعب الهندي تولدت حكومة محلية مرتبطة بالتاج البريطاني تتسم بنوع من الحكم الذاتي، وهي في الوقت نفسه عضوًا في الكومنويلث Commonwealth، تلك المنظمة التي تنضوى تحت لواء التاج البريطاني،اذ تكون شبه مستقلة من جهة إلا أنها تفتقر لوجود ملك أو رئيس اذ تكتفي برئيس وزراء كأعلى سلطة تنفيذية وأن تكون ملكة بريطانيا هي رمز الدولة، ويمثلها شخص يسمى بالحاكم العام، وهذا ما نفذ في أستراليا وكندا وفي الهند والعراق عندما حاولت بريطانيا ضم العراق. بقي نقص هام في المعادلة الاستعمارية، وهي الطرف الثاني من عقدة المواصلات، اذ من الجانب الآخر الموصل ببريطانيا كان هنالك خط طويل من المواصلات يمر عبر قارات وحضارات وتضاريس ومجتمعات متباينة وربما كانت تحت نفوذ دول استعمارية منافسة أو معادية،مما يعرض خط المواصلات هذا للتهديد،فخط المواصلات المتمم الذي يربط الهند من الجهة الثانية ببريطانيا يمر غربًا عبر العراق عن طريق بحر العرب مرورًا بالخليج العربي نحو ميناء البصرة الإستراتيجي،وخط السير هذا مكون من ولايات وإمارات تابعة للدولة العثمانية وتتناوب على احتلالها أحيانًا هولندا والبرتغال. والعراق فضلاً عن كونه عقد مواصلات إستراتيجية هامة على مدى العصور وباختلاف الأزمان، طمحت بريطانيا للهيمنة عليه لبسط نفوذها على الجانب الآخر من خطوط المواصلات الذي يربطها ببريطانيا عبر الأردن وفلسطين اللتين وقعتا لاحقاً تحت الانتداب البريطاني، ليكتمل خط المواصلات من خلال البحر الأبيض المتوسط اذ هيمنت بريطانيا على عدد من المحطات في رحلتها الاستعمارية تلك عبر البحر المتوسط كما فعلت في الهند وشرق الهند، فدأبت بالهيمنة على جزيرة قبرص المتآخمة للساحل العربي ثم جزيرة كريت التي تأتي بعدها في عرض البحر المتوسط وجزيرة مالطه القريبة الواقعة بين ليبيا وإيطاليا ثم استعمرت مضيق جبل طارق المحطة الأخيرة للبحر المتوسط والذي يقربها من الجزر العظمى لما اصطلح عليه ببريطانيا العظمى. مهدت بريطانيا لغزو واحتلال العراق تمهيدًا لضمه إلى إمبراطوريتها من خلال سياسة اعتمدتها منذ وقت طويل جاوز فترة المائتي عامًا وذلك بعقد الاتفاقات التجارية وإرسال السفراء والقناصل والمستشرقين لدراسة المجتمع العراقي عن كثب، وتعزز ذلك من خلال تأسيس شركة الهند الشرقية البريطانية وماسمي لاحقاً بيت لينج للتجارة مع الهند. تلا ذلك عقد اتفاقية تجارية مهمة أسست بموجبها حكومة الهند البريطانية أسطول النقل النهري عبر ميناء البصرة مرورًا بنهري دجلة والفرات لنقل البضائع البريطانية المارة من مستعمراتها عبر الهند إلى البصرة ثم إلى تركيا عبر دجلة والثاني إلى البحر المتوسط عبر الفرات المار بحلب القريبة من البحر المتوسط، وذلك بسبب طول المسافة لخط النقل البري القديم عبر الصحراء بين العراق والأردن ثم فلسطين ومايسببه من أخطار من تعطل وسائل النقل التي تعرضه لسرقة قطاع الطرق. ازداد النشاط التجاري البريطاني في العراق في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فاحتلت المرتبة الاولى في ميزان التجارة الخارجية في العراق بعد حماية بريطانيا لتجارتها من خلال قناصلها،وبعد افتتاح قناة السويس عام 1869م ارتفعت الصادرات العراقية السنوية من 150 الف دينار عام 1869م الى نحو ثلاثة ملايين دينار عام 1914م، وكان لبريطانيا الحجم الاكبر في العمليات التجارية مع العراق،فقد وصل عدد البواخر البريطانية التي وصلت ميناء البصرة عام 1913م(300)باخرة من مجموع البواخر التي وصلت الى الميناء والبالغة(445)باخرة بلغت حمولتها الآف الاطنان من البضائع التجارية. كما كانت خطوط التلغراف ومكاتب البريد وسيلة أخرى لتعزيز النفوذ البريطاني في العراق،ووقعت في عام 1904م اتفاقية لنقل البريد البريطاني بين البصرة وبغداد عن طريق شركة لنج البريطانية. وفي مطلع القرن العشرين بلغت أهمية العراق الاستراتيجية درجة كبرى، نتيجة لاكتشاف النفط في عبادان وكانت حماية حقول النفط من جملة الاسباب التي تذرعت بريطانيا بها عند احتلال البصرة. وتبدو أهمية العراق لبريطانيا من خلال التصريحات العديدة للمسؤولين البريطانيين ، ومن ذلك ما أكده اللورد كيرزن في عام 1911م:"من الخطأ أن نفترض ان مصالحنا السياسية تنحصر في الخليج،فانها ليست كذلك،كما انها ليست محصورة بالمنطقة الواقعة بين البصرة وبغداد،وانما تمتد شمالاً الى بغداد نفسها".وبدأت الجهات العسكرية البريطانية بوضع الخطط العسكرية لاحتلال جنوب العراق قبل اندلاع الحرب العالمية الاولى،وعندما اندلعت الحرب وتعاطفت الدولة العثمانية مع المانيا بدأت بريطانيا تهيء قواتها للحفاظ على احتلالها لمنطقة الخليج العربي،وبعد انضمام الدولة العثمانية الى المانيا في الحرب العالمية الاولى صدرت الاوامر من الحكومة البريطانية الى قواتها المرابطة في الخليج العربي للتوجه نحو الفاو وزعم برسي كوكس Percy Cox الضابط السياسي المرافق للحملة البريطانية ان حكومته اجبرت على الحرب نظراً للموقف المعادي للعثمانيين،لذا ارسلت بريطانيا قواتها لحماية تجارتها واصدقائها، واجلاء الاتراك العثمانيين عن المنطقة وان لاعداء لها مع العرب . العمليات العسكرية والميدانية لاحتلال العراق بدأ الاحتلال البريطاني للعراق في أواخر عام 1914م، بعد قيام الحرب العالمية الأولى، ودخول الدولة العثمانية الحرب إلى جانب المانيا. فقد هاجمت القوات البريطانية جنوب العراق،وتمكنت من احتلال الفاو في 6 تشرين الثاني 1914م دون مقاومة تذكر، وكانت حجة بريطانيا في حملتها على العراق آنذاك حماية نفط عبادان في إيران،وطريق الهند، لكن الحقيقة كانت غير ذلك تماماً، فقد أرادت بريطانيا فرض سيطرتها على العراق طمعاً في ثرواته.وبعد أن تم للقوات البريطانية احتلال شبه جزيرة الفاو اندفعت نحو مدينة البصرة كبرى مدن العراق الجنوبية،إذ اشتبكت مع القوات العثمانية في منطقة الشعيبة،في 12 شهر نيسان عام 1915م،بعد أن كسب الاتراك مساندة العراقيين لهم عن طريق اعلان الجهاد اذ بلع عدد المتطوعين بين(10-15)ألف مقاتل، واستطاعت هذه القوات إلحاق الهزيمة بالجيش التركي، وانتحر سليمان العسكري قائد الجيش العثماني.وتقول المس بيل في مذكراتها بان الجيش التركي كان يتألف((من عدد يتراوح بين(6-7)الآف من الجنود النظاميين،كما كان عدد العشائر العربية الاجيرة حوالي تسعة آلاف مقاتل بقيادة عجمي وابنه عبدالله الفالح، فضلاً عن ألف مقاتل من الاكراد على ان قيمتها العسكرية كانت في حكم العدم)).   ثم واصلت القوات البريطانية تقدمها شمالاً باتجاهين،الاتجاه الأول نحو مدينة الناصرية الواقعة على نهر الفرات، والاتجاه الثاني نحو مدينتي العمارة والكوت على نهر دجلة، ومن ثم نحو العاصمة بغداد.وفي الثاني من حزيران 1915م دخلت القوات البريطانية مدينة العمارة وانتزعتها من أيدي الأتراك،كما احتلت مدينة الناصرية في 25 تموز بعد معارك دامية من العام نفسه، واحتلت مدينة الكوت في 28 أيلول من العام نفسه.   واستمرت القوات البريطانية بقيادة الجنرال طاوزند بالتقدم نحو بغداد وخاضت معركة طاحنة مع الأتراك قرب المدائن،على مشارف بغداد، لكن القوات العثمانية استطاعت إلحاق الهزيمة المنكرة بالجيش البريطاني المهاجم الذي انسحب نحو الكوت،ولحقت به القوات العثمانية، وكانت خسائر القوات البريطانية في يوم 22 تشرين الثاني1915م وحده (4511) قتيلاً.واستطاعت القوات العثمانية من فرض الحصار على مدينة الكوت نحو خمسة اشهر، اذ استمر من 7 كانون الاول 1915م وحتى 29 نيسان1916م،ذاقت فيها القوات البريطانية ويلات الحصار، فاكلوا لحوم الخيول، واستخدموا ابواب وشبابيك البيوت في الوقود، وحاولوا رشوة القائد العثماني خليل باشا بمبلغ مليون او مليونين ليرة لكنه امتنع عن قبول الرشوة. واضطرت القوات البريطانية المحاصرة في المدينة أخيراً إلى الاستسلام دون قيد أو شرط  للقوات العثمانية التي دخلت المدينة، وقامت بأعمال انتقامية دموية لا مثيل لها ضد السكان، بتهمة التعاون مع القوات البريطانية، وبلغ عدد القوات التي استسلمت(13500) جندي عدا الضباط وارسل هؤلاء الى استانبول كأسرى. غير أن بريطانيا عادت وأرسلت قوات جديدة بقيادة الجنرال مود الذي شرع بالتقدم نحو بغداد ووصلت قواته إليها في كانون الأول 1916م،واستطاعت إلحاق الهزيمة بالجيش التركي المدافع عنها،ودخلتها في 11 آذار  1917م. ووجه الجنرال مود عند دخوله بغداد بياناً للشعب العراقي باسم السلطات البريطانية قال فيه:(( إنني مأمور بدعوتكم بواسطة أشرافكم،والمتقدمين فيكم سناً وممثليكم،إلى الاشتراك في إدارة مصالحكم، ولمعاضدة ممثلي بريطانيا السياسيين المرافقين للجيش، كي تناضلوا مع ذوي قرباكم شمالاً وجنوباً، وشرقاً وغرباً ،في تحقيق طموحاتكم القومية)). لكن أهداف ومخططات المستعمرين البريطانيين، والفرنسيين سرعان ما تكشّفت، عندما قامت ثورة أكتوبر(تشرين الاول)الاشتراكية في روسيا عام 1917م، بقيادة فلاديمير لينين،إذ فضح بنود اتفاقية سايكس بيكو المعقودة بين المستعمرين البريطانيين والفرنسيين وروسيا القيصرية حول اقتسام ممتلكات الدولة العثمانية فيما بينهم. وعلى أثر ذلك سارع قائد الحملة البريطانية،الجنرال مود إلى إصدار بيان جديد للشعب العراقي، في محاولة لتطمينه والتستر على النوايا الحقيقية  للبريطانيين،وجاء في ذلك البيان ما يلي:((إن الغاية التي ترمي إليها كل من بريطانيا وفرنسا في خوض غمار الحرب في الشرق من جراء أطماع المانيا ،هي تحرير الشعوب التي طالما رزحت تحت أعباء الاستعباد التركي ، تحريراً نهائياً وتاماً، وتأسيس حكومات وإدارات وطنية تستمد سلطاتها من رغبة نفس السكان الوطنيين ومحض اختيارهم )). استمرت القوات البريطانية بالتقدم شمالاً واحتلت مدينة خانقين في كانون الأول 1917م،ثم احتلال مدينة كفري في نيسان 1918م، ثم واصلت زحفها نحو مدينة كركوك اذ احتلتها في 30 تشرين الأول 1918م ،ثم واصلت زحفها نحو مدينة الموصل وانتزعتها من أيدي الأتراك في 8 تشرين الثاني 1918م.وقامت الحكومة البريطانية بتعيين العقيد لجمان حاكمًا سياسياً على المنطقة، وامتدت سلطاته نحو أربيل، والسليمانية ، ودهوك، وراوندوز، وبذلك أحكمت بريطانيا سيطرتها على كافة أرجاء العراق. ومما يجدر ذكره، أن بريطانيا لاقت مصاعب جمة في سيطرتها على مدينة السليمانية، التي تعد مركزاً لحركة التحرر الوطني الكردي ،مما اضطرها إلى تعيين الشيخ محمود الحفيد حاكماً على المنطقة في أواخر عام 1918م، وعينت الميجر جنرال نوئيل مستشاراً له ، وخصصت له راتباً شهرياً مقداره 15000 روبية هندية،وسمحوا له بتعيين عدد من الموظفين الأكراد لإدارة المنطقة. إلا أن الشيخ محمود الحفيد لم يكن راضياً على تلك الأوضاع ،وأخذ يتحين الفرصة للثورة على المحتلين. الإدارة البـريطانية فـي العراق 1914 - 1921 بـعد أن أنهـت هدنة مودروس في 30 تشرين الاول عام 1918م الحرب بين بريطانيـا والدولة العثمانية، أصبح بعدها العـراق كله تحت السيطرة العسكرية البريطانية وبدأت مهمة جديدة من مراحل الإدارة البريطانية من اذ التخطيط والتنفيـذ الإداري. اذ شـرعت الإدارة البريطانية عقب الحرب العالمية الأولى بتقسيم العـراق إلى مناطق سياسية لا تختلف كثيراً عـن تقسيمات الإدارة العثمانية مع بعض التحويرات التـي كانت تقتضيها الضرورات الإدارية والعسكرية الملحـة والمستمدة من التقسيمات المعمول بها في الهند البريطانيـة. وعلى هـذا الأساس كـانت الإدارة البريطانيـة خلال مرحلة الاحتلال العسكري تجمع الأنظمة العثمانية والهندية البريطانيـة،فضلاً عن سعي الادارة البريطانية لتأمين الحاجات التي يتطلبها الاحتلال بالاستيلاء على بعض الاراضي والممتلكات وتشغيل العراقيين بالإكراه لخدمة المجهود الحربي البريطاني، والتخطيط لجعل الجزء الجنوبي من العراق مستعمرة هندية، تمهيداً لضمه للهند تحقيقاً للسياسة الاستعمارية الطامعة في جنوبي العراق أصبـح ارنولد ويلسون Arnold Wilson على رأس الجهاز الإداري فـي العراق بصفته وكيل الحاكم المدنـي العام وكان لشخصيته الطموحة وتجاربـه السابقة في الهند أثـر في مسيرة الإدارة البريطانية فـي العراق خلال المرحلة التي أعقبت الهدنـة. عمـل ويلسون بجد ونشاط لبلوغ أهدافه وتحقيق مطامعه الشخصيـة ، وكان أثـره ملحوظاً في الإدارة البريطانية من نهاية الحرب العالميـة الأولى حتى عام 1920م، كمـا كان لفضاضته المزعجة وغروره وشـدة عناده نتائج مهمة على صعيد الإدارة الداخليـة. وكان يسـاعد ويلسون مجموعة من الضباط الذين استمروا فـي أعقاب الهدنة يشرفون أشرافا تـاماً على سير الأمـور بجوانبها كافة يعاونهم عدد من الموظفيـن البريطانيين والهنود العاملين فـي شتى مراكز الإدارة المدنيـة. ولـم تكن لهؤلاء الخبرة اللازمة فـي شؤون الإدارة لذلك عينت الإدارة البريطانيـة مجموعة مساعدين من بعض موظفـي حكومة الهنـد الذين ألفوا أنماط الإدارة المستقرة التي تتميـز بشدة التمسك بالتعليمات الرسمية (الروتيـن). كمـا لم تكن لأغلبهم خبرة سابقة بطبيعة العـراق وأحوال سكانه فاخذوا يعالجون المسائـل الإدارية في العراق على نمط الخط العـام الذي تعلموه وعملوا به في الهنـد، فكان من الصعب عليهم التمييز بين الأمور المهمة التـي يجب إعطاؤها أهمية خاصة وأسبقية فـي التنفيذ والمسائل الأخرى التي تحتـل أهمية ثانويـة. ومـن هــــذا المنطلق أصبحت اغـلب المناطق العراقيــة يديرها موظفون بريطانيون يسمـون بـ (الحكام السياسيين)يـكونون مسؤولين أمام الإدارة المركـزية التي منحتهم صلاحيات إدارية وقضائية واسعـة وجهزتهم بقـوة عسكرية محلية متمثلة بقـوة الشبانة Shabanahالتي تغلغـلت الإدارة البريطانية بواسطتها إلـى أعماق المجتمع العشائـري،واستخدمتهم في إثارة الفتن والتناحر والانقسامات الداخلية في العراق. كما استخدمتهم في قمع الحركات الكردية مرات عديدة،مما سبب في خلق الأحقاد والكراهية بين القوميتين ،وحقد الشعب العربي على حلفاء بريطانيا. وعـلى أساس هـذا النمط من الحكـام السياسيين وأسلوب تفكيـر وكيل الحاكم المدنـي العام ومخططات السياسة البريطانية قـد احتفظت الإدارة البريطانية في العراق خلال هذه المرحلة بصفتها العسكريـة لتواصل ممارسة أساليبها القسريـة، فـبالرغم من توقف العمليات العسكرية لكـن الإدارة العرفية كـانت هي السائدة وكانت تمارس نظاماً عسكرياً صارماً يتولى تنفيـذه ضباط بريطانيون يتقلدون كـل الوظائف التنفيذيـة في طول البلاد وعرضها لا يعـرف معظمهم اللغة العربيـة ويختلفون عن أسلافهم من العثمانيين في الملبس وسبل التعامل والعـادات الاجتماعية ويفتقـرون إلى المرونة والتساهل وتنقصهم الحكمة والبصيـرة. بعـد إن فرضت قوات الاحتلال البريطانـي وضعاً عسكرياً على المدن العراقيـة ، سارعت هـذه القوات بسبب جسـامة الواجبات المطلوب تأديتهـا إلى تشكيل الدوائر التـي كانت مهمتها الأساسية سد الاحتياجات العاجلة للقـوات البريطانية وتقديم بعض الخدمـات للسكان وتنظيم العلاقـة بين الطرفين بشكل يضمـن للإدارة الجديـدة فرض أعلى درجات السيطـرة العسكرية ويحقق لها اكبـر قدر ممكن من المنافع الماديـة للتعويض عمـا خسرته بريطانيا فـي حروبها العسكريـة وتساعد فـي التخفيف من عبء نفقـات قواتها العسكرية الموجودة في العـراق، ويتم ذلك من خلال ايجاد نظام مالي يساعد في توفير متطلبات الاحتلال، مع العمل على مشاركة العراقيين في الوظائف الثانوية. إن خبـرة الإداريين البريطانييـن المستمدة من تجاربهم السابقة فـي الهند ومعلوماتهم الاستخبارية عن العـراق والموقف الصلب للقبائل العراقيـة خاصة ولأبناء الشعب العراقي عامـة قد ظهـرت للمستعمرين البريطانيين أن احكـام الهيمنة على ناصيـة العراق يعد من الأمـور الصعبة ما لم تكن لهم قاعدة مضمونة يمكن الاعتماد عليها لتنفيذ مخططاتهم الاستعمارية ، لـذلك حاولوا كسب زعماء القبائل إلى جانبهم بالمغريات المـادية والمعنوية المختلفة كمنحهم الهبـات وإعفائهم مـن الضرائب وإقطاعهم الأراضـي الزراعية وتعيينهم موظفين إداريين ثم شرعوا نظـام دعاوى العشائر المدنيـة والجزائية في شباط عـام 1916 . الذي يمثل جانبـاً من سياسة الإدارة البريطانية في تهنيد العـراق. فبعد احتلال البصرة والتقدم الى مناطق العمارة والناصرية المأهولة بالقبائل العربية وافراد العشائر استبان للسلطات المحتلة ان القانون العراقي(العثماني)المطبق في البصرة لا يمكن تطبيقه تمامًا في المناطق العشائرية وان الحكام السياسيين كانوا في مناطقهم بحاجة الى صلاحيات للبت بسرعة في القضايا الحقوقية والجزائية ولتلافي هذا النقص كان المستر هنري دوبس Henry Dobbs قد وضع نصوص هذا النظام في شباط عام1916م ومنح فيه الحكام السياسيين سلطة تشكيل مجلس عشائري او اية محكمة عشائرية اخرى للنظر في جميع القضايا التي يكون فيها أحد الطرفين المتنازعين من أبناء العشائر، وذلك بموجب القواعد والعادات العشائرية.وقد اظهر اثناء تطبيق هذا النظام بأنه يتفق ورغبات العشائر لأنه يسر لهم حسم المنازعات بالطرق المألوفة لديهم منذ مدة طويلة. اما فيما يخص محاكم الجزاء التركية وتطبيق قانون الجزاء التركي، فكان رأى سر يونهام كارتر انه بالرغم من نظريات القانون الدولي القائلة بانه عندما يتم الاستيلاء على البلاد المعادية اثناء الحروب ينبغي تطبيق قانون العقوبات المحلي لتلك البلاد اذ كان ذلك ممكنا، واذا ما اتفق ذلك مع مصلحة الجيش المحتل،فكان من غير الممكن تطبيقه في العراق لعدة أسباب.منها ان قانون الجزاء العثماني مكتوب باللغة التركية وان قلة من الضباط البريطانيين كانوا ملمين باللغة التركية من جهة ولان تطبيق هذا القانون يتطلب وجود عدد غير يسير من المحاكم وحكام التحقيق والمدعين العامين اكثر بكثير مما كان يمكن تهيأتهم سواء اكان ذلك من الجيش او من موظفي الحكومة السابقة من جهة اخرى، كما ان القانون هذا بعد غير مرتب،وغير كامل وصعب التفسير،بينما يكون قانون اصول المحاكمات الجزائية التركي هو الاخر فأنه كثير التعقيد وغير قابل للتطبيق بين السكان اهل الريف والبدو الرحل في العراق.لذلك عملت الادارة البريطانية على وضع نظام قضائي جديد يهدف الى استبدال القوانين العثمانية بقوانين هندية في الشؤون المدنية والتجارية والعقابية . اتضـح للحكومة البريطانية في المراحـل الأخيرة من الحرب العالمية الأولـى أن مشاريع الإدارات المتعددة كـانت تتعرض مع مصالحها السياسية ، لـذلك غدا العراق في نهايـة الحرب يتكون من منطقة إدارية واحـدة تدار مركزياً من بغـداد ويشرف عليها وكيل الحاكـم المدني أو من ينوب عنه الذي اخذ يعمل على تحويـل العراق إلى مستعمرة بريطانية تخضع للسيطـرة الإدارية المباشرة ولاسيما أن العراق كان لـه وضعه الخاص في حسابات الحكومة البريطانيـة. لـكن أسلوب الحكم المباشر جوبه بالرفض الجماعي من أبناء الشعب العراقي مما اضطر الإدارة البريطانية إلى أتباع أسـاليب شتى للحـفاظ على مصالحها الحيوية التـي خاضت الحرب من اجلهـا فتقلبت سيـاستها الإدارية فـي العراق تقلبات عديـدة وارتدت أثوابا مختلفة وطرقـت عدة أبواب كمشاريع المجالس البلـدية والاستفتاء العام والحكم الذاتـي وجرى تقسيم العراق إلى وحدات إدارية كبيرة تسمى اللواء ،وقسم اللواء إلى وحدات أصغر تسمى الأقضية، ونصّب البريطانيون في كل وحدة إدارية ضابطًا بريطانياً لشؤون الأمن الداخلي، ومنحوا الضباط السياسيين سلطات واسعة في الشؤون الإدارية والقضائية والمالية .إضافة إلى سياسـة العنف والقوة التي كانت احـد الأسباب المهمة لرفض الاحتلال البريطاني ولقيام الحركة الوطنية التي تبنت أسلوب مقاومة الاحتلال البريطاني بشتى الوسائل الممكنة. مقاومة الشعب العراقي الاحتلال البريطاني بعد ثلاثة أيام بعد بدء إنزال القوات البريطانية - الهندية إلى ميناء الفاو. وصلت إلى العتبات المقدسة وسائر المدن العراقية في 9 تشرين الثاني 1914م برقيات جاء فيها: ((ثغر البصرة الكفار محيطون به ، الجميع تحت السلاح ، نخشى على باقي بلاد الإسلام ، ساعدونا بأمر العشائر بالدفاع)). سارعت المرجعية الدينية في النجف الأشرف بعقد اجتماع في مسجد الهندي حضره الكثير من العلماء والوجهاء ورؤساء العشائر،وبعد أن تحدث السيد محمد سعيد الحبوبي والشيخ عبدالكريم الجزائري والشيخ جواد الجواهري صدرت فتاوى الجهاد لتعبئة الناس وتشجيعهم على المشاركة في الجهاد ضد القوات البريطانية . وفي مرقد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ارتقى المرجع الديني الأعلى السيد محمد كاظم اليزدي المنبر وحث على الدفاع وأفتى بالجهاد، وأوجب على الغني العاجز جسدياً أن يجهز من ماله الفقير القوي. وأرسل السيد اليزدي فتواه إلى أبناء العشائر والمدن:((إلى إخواننا المؤمنين الموحدين من أهالي عفك، لا يخفى عليكم تحقق هجوم الكفرة على ثغور المسلمين ، فانفروا كما قال الله خفافاً وثقالاً . ولألفينكم كما يقول عز من قائل (أشداء على الكفار رحماء بينهم) ، فانهضوا بتوفيق الله إلى جهاد عدوكم وعدو نبيكم . وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة . فقد أعلنا بوجوب الدفاع عن حوزة المسلمين وبيضة الدين . وقد فضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيما)) . وفي الكاظمية أصدر الشيخ مهدي الخالصي وثيقته التاريخية((الحسام البتار في جهاد الكفار)) ملهبًا حماس الناس للجهاد. وأصدر حكماً أوجب فيه على المسلمين صرف أموالهم في الجهاد حتى تزول غائلة الكفار ومن امتنع عن بذل ماله وجب أخذه منه كرهاً.ولم يكتف المجتهدون الشيعة بالفتاوى وحث الناس على الجهاد ، بل اندفعوا على رأس كتائب المجاهدين التي انبرت لمواجهة الغزاة.من النجف تقلد السيد محمد سعيد الحبوبي سيفه وانطلق في 15 تشرين الثاني 1914م ، أي بعد أسبوع من بدء الغزو ، برفقة جماعة من أصحابه متوجهاً إلى الجبهة عن طريق السماوة والناصرية .وتبعة موكب السيد عبد الرزاق الحلو في 17 تشرين الثاني 1914م وفي 19 تشرين الثاني 1914م انطلق السيد مهدي الحيدري من الكاظمية متوجهاً إلى جبهة القتال .وفي22 كانون الأول 1914م انطلق من النجف لمواجهة الغاصبين جمع غفير من علماء وطلبة الحوزة العلمية وعلى رأسهم الشيخ جعفر الشيخ عبد الحسين والشيخ عبدالكريم الجزائري والشيخ حسين الحلي والشيخ حسين الواسطي والشيخ منصور المحتصر .وفي 28 تشرين الثاني1914م،توجه المجاهدون عن طريق بغداد بقيادة كل من شيخ الشريعة الأصفهاني والسيد علي الداماد والسيد مصطفى الكاشاني، وموفدي السيد كاظم اليزدي وهم ابنه السيد محمد والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ومرافقيهم. وخاض المجاهدون معارك غير متكافئة العدد والعدة استمرت ثلاث سنوات . انتصر المجاهدون في أول مواجهة عسكرية مع القوات البريطانية في معركة الروطة في 20 كانون الأول 1915م وأرغموا الغزاة على الانسحاب وكانت المعركة الثانية في الشعيبة في 12 نيسان 1915م كانت الغلبة فيها للغزاة . لقد كان للفقهاء دوراً حاسماً في تعبئة الشعب العراقي وقيادة المقاومة ضد الغزو البريطاني. استمرت المقاومة ثلاث سنوات، أي حتى آذار 1917م. وقد اعترفت المصادر البريطانية بالخسائر الجسيمة التي تكبدتها اذ خسرت بريطانيا 1297 جندياً، بينما زكت دماء ثلاثة الآف مجاهد أرض العراق. كما شرعت القوى الوطنية العراقية الى تنظيم نفسها والعمل على مقاومة الاحتلال البريطاني، وظهرت العديد من الجمعيات والاحزاب لتوحيد العمل ضد الاحتلال البريطاني ومن تلك الجمعيات هي: 1.جمعية النهضة الاسلامية في النجف شحذ العائدون من حركة الجهاد الهمم وضاعفوا من حماسهم للعمل ضد البريطانيين، لاسيّما بعد احتلال بغداد في11 آذار 1917م والذي وصفه السيد مهدي الحيدري بانه(( سقوط الإسلام من السماء إلى الأرض)).فاتفق القادة الدينيون وزعماء العشائر على تأسيس حزب لمواجهة الاحتلال البريطاني من خلال مشروع اسلامي يسعى لإقامة حكومة اسلامية، ودعم الجهود الرامية إلى الوحدة العربية المستقلة تماماً عن النفوذ الأجنبي.وقد وضع هذا المشروع علماء مجتهدون منهم :عبد الكريم الجزائري، محمد جواد الجزائري، محمد علي بحر العلوم ومحمد علي الدمشقي الذين أسسوا لتنفيذه تنظيماً حزبياً وهو حزب النهضة الإسلامي، وأقاموا له هيكلاً ونظاماً داخلياً، وكانت الأحزاب في ذلك الوقت تسمى على الأغلب جمعيات، فغلب عليها هذه التسمية وأصبح معروفاً باسم(جمعية النهضة الإسلامية. كما انضم إلى الجمعية معظم رؤساء النجف وزعمائها المحليين ، وضمت أيضاً كسبة وبعض رؤساء العشائر إليها كمرزوق العواد ورايح العطية ووادي العلي وسلمان الفاضل. وكان للجمعية جناحان سياسي وعلى رأسه العلماء والمثقفون والشعراء، وعسكري يعتمد الجهاد. قادت جمعية النهضة الإسلامية ثورة النجف في 19 آذار 1918م والتي صادفت الذكرى الأولى لاحتلال بغداد من قبل البريطانيين، فقتل الحاكم السياسي البريطاني: الكابتن مارشال من قبل الحاج نجم البقال وهو عضو في الجناح العسكري اضافة إلى جرح أحد مساعدي الحاكم . وتحول هذا الحادث إلى انتفاضة شبه شاملة فرضتها ظروف المنتفضين على مدينة النجف، فأدركت السلطات البريطانية خطورة الموقف، فاستعاضت عن اقتحام المدينة واحتلالها عسكرياً بفرض حصار على المدينة من كل الجهات. استمرت الثورة 45 يوماً اشترك فيها الألوف من أهالي النجف، وعن الجانب البريطاني اشترك في القتال وفي الحصار أكثر من ثمانية آلاف جندي. انتهت الثورة بإعدام قادة الجناح العسكري ونجاة سكرتير الجمعية الذي حكم بالإعدام واستطاع الهرب من المعتقل، ونفي تسعون عضواً من أعضائها، منهم تسعة مدى الحياة في الهند اذ قضوا سبع سنوات في المنفى قبل أن يُعفى عنهم. أما البريطانيون فقد قدرت خسائرهم بسبعمائة قتيل، وكان من المتوقع اشتراك عشائر الفرات الأوسط في الثورة وتصبح شاملة إلاَّ ان تسرع الجناح العسكري في اعلان الثورة حال دون ذلك. ويمكن عد ثورة النجف كأول ثورة لمدينة عربية ضد الاحتلال البريطاني وشنق من أبناء المدينة أحد عشر شخصاً وهم بهذا أول عراقيين يشنقون، وأول مجموعة عراقية تجاوز عددها المائة شخص تساق إلى المنفى وأول سجناء سياسيين يستقبلهم سجن بغداد. في 30 تشرين الثاني 1918م وصلت إلى ويلسون برقية من لندن ورد فيها بأن المطلوب من التصريح(البريطاني- الفرنسي)أن تساعد بريطانيا من جانبها على تأسيس حكم محلي في المناطق التي حررتها دون أن تفرض على السكان حكومة لا يرتضونها، ورغبت الحكومة البريطانية بوجه خاص أن تزود ببيان موثوق يعرب فيه سكان العراق عن رأيهم في هذه النقاط الثلاثة: 1. هل يفضلون دولة عربية تحت ارشاد بريطانيا تمتد حدودها من ولاية الموصل الشمالية إلى الخليج ؟ 2. هل يرغبون في أن يرأس هذه الدولة رجل عربي ؟ 3. مَن هو هذا الرئيس الذي يريدونه ؟ وقد جاءت في ختام البرقية هذه العبارة (( في رأينا ان من المهم جداً أن يكون التعبير عن آراء السكان حقيقياً بأن يمكن اعلانه للعالم بصفته التعبير النزيه عن رأي أهل العراق )) . لكن ويلسون أراد أن ينتهز فرصة الاستفتاء لكي يثبت لحكومته ان العراقيين يرغبون من تلقاء أنفسهم بالحكم البريطاني المباشر، وهو ما يعتقده بانه الحاكم الأحسن للعراق، وبهذا خالف أوامر حكومته بأن يعبّر السكان عن آرائهم بشكل حقيقي. فاستدعى معظم الحكام السياسيين في الألوية والأقضية ليرشدهم إلى الطريق التي عليهم أن يسلكوها لاستفتاء الأهلين واستحصال الأجوبة التي تُرضي وجهة نظره في السياسة الاستعمارية، وبعد أن زودهم بالأسئلة الثلاثة، طلب إليهم الحصول على مضابط الأجوبة المأمولة. وكانت النجف أيام الاستفتاء تابعة لما يُسمى بـ(منطقة الشامية والنجف) التي كان يحكمها الميجر نوربري. وظن البريطانيين ان الاستفتاء في النجف سيجري حسب رغبتهم بسبب فشل ثورة النجف 1918م وما حلّ بالقائمين بها من عقوبات رادعة، ظانين ان هذه العقوبات قد أرهبت ليس فقط أهل النجف، بل العشائر المجاورة لها وأنهم لا يجرؤون على القيام بأية حركة معارضة لهم بعد ذلك. وقد ارتأى ويلسون ان يجعل من النجف اولى المناطق التي يجري فيها الاستفتاء لكي تكون النتيجة (والتي كان يعتقدها في صالحه) قدوة للمناطق الأخرى، لما للنجف من أهمية دينية بالغة للشيعة، اذ توجد فيها الزعامة الدينية وبالتالي فان التأثيرات السياسية للاستفتاء على جميع المناطق الشيعية في الفرات الأوسط ستكون فعّالة ومؤثرة. تقرر أن يجري الاستفتاء في النجف في 13 كانون الأول 1918م، فوصلها ويلسون بالطائرة عصر 11 كانون الأول، ثم عقد اجتماع في اليوم المحدّد للاستفتاء – أي في 13 كانون الأول – بين ويلسون، يرافقه نوربري،ومجموعة كبيرة من رجال النجف في دار الحكومة الواقعة خارج سور النجف، فسأل ويلسون الحاضرين قائلاً: هل ترغبون في حكم بريطانيا؟ أم تريدون حكومة وطنية عربية؟ عرّفونا رأيكم.فأجاب السيد هادي النقيب على سؤال ويلسون قائلاً: (( نحنُ لا نريد ولا نرضى بسوى بريطانيا لأنها عادلة ومنصفة وكثرت الفلوس عندنا )). فرد عليه عبد الواحد الحاج سكر قائلاً: (( بل نريد حكومة عربية وطنية )). وأيده محمد رضا الشبيبي قائلاً: (( ان العراقيين يَرَون من حقهم ان تتألف حكومة وطنية مستقلة استقلالاً تاماً، وليس فينا من يفكر في اختيار حاكم اجنبي )). فاغتاظ ويلسون من هذا الجواب الذي لم يكن يتوقعه، وسأل الحاضرين ان كان هذا رأيهم؟ فتكلّم السيد علوان الياسري قائلاً: ((لما كان المدعوون غير مسبوقين بالموضوع، فهم يرجون إمهالهم إلى الغد لدرس الاسئلة الثلاث، وتوحيد الأجوبة عليها، وذلك بعد الاتصال بالعلماء وبقية الرؤساء )) . فوافق ويلسون على هذا الرأي، على ان ترسل الأجوبة إلى بغداد بواسطة الميجر نوربري، وذهب المجتمعون إلى السيد كاظم اليزدي لأخذ رأيه حول هذا الموضوع، فتعجب مما سمعه قائلاً: (( ان ويلسون كان قد رآه من قبل مدة ولم يخبره بهذا الموضوع )). ثم نصح اليزدي الحاضرين بعقد اجتماع عام يحضره الجميع من جميع الطبقات للبت في هذا الموضوع الهام. وبالفعل عقد اجتماع عام في بيت الشيخ محمد جواد الجواهري، حضره أكبر عدد ممكن من الناس، فتفاوتت الآراء، فمن قال: بالالتحاق بإيران، وفئة ثانية طالبت بأمير غير عربي، وفئة ثالثة بالجمهورية، ورابعة بأمير عربي، وخامسة بالحكم البريطاني المباشر. فاحتكم الحاضرون إلى رأي السيد اليزدي وهو المرجع الشيعي الأعلى ، إذ قال لهم: (( اختاروا ما فيه صلاح للمسلمين )) .وقام السيد هادي النقيب من تنظيم مضبطة تحمل 21 توقيعًا من وجهاء النجف وتجّارها بالإضافة إلى توقيعه يطلبون فيها الحكم البريطاني المباشر. لكن مضبطة ثانية، نظمت من قبل المعارضين للحكومة البريطانية، وقعها عشرة اشخاص طالبوا فيها إقامة حكومة مستقلة تحت رئاسة أمير عربي، وعموماً فان البريطانيين وجدوا بعض المعارضة في مدن النجف وكربلاء والكاظمية وبغداد، أما المدن الأخرى فقد أجمع وجهاؤها ورؤساؤها على المطالبة بالحكم البريطاني المباشر وفق ما أراده ويلسون وأعوانه.وكان من نتائج الاستفتاء نشوء الحركة الوطنية في العراق وهي الحركة التي تبناها المعارضون للحكم البريطاني واتخذوا من فكرة الاستقلال شعاراً لهم. 2.جمعية حرس الاستقلال: اسـتطاع لفـيف من الشـباب الوطنـي المتـحمس الى تأسـيس حـزباً سياسياً لخـدمة قضـية البـلاد عـرف باسـم (جمعية حرس الاستقلال) وتأسست فـي أواخر شهر شـباط 1919م وكانـت اللجـنة الـمؤسسة لـها مـؤلفة مـن عـلي البـازركان وجـلال بابـان وشـاكر محـمود ومحـمود رامـز ومحـمد بـاقـر الشـبيـبي ومحـي الـديـن السـهروردي وآخـرون . بعد أن شعروا بضرورة تأليف جمعية سياسية سرية تأخذ على عاتقها انقاذ البلاد من الاحتلال البريطاني، وكانت هذه الجمعية أكثر قوة من جمعية العهد وقد انتمى اليها بعض رجال الدين والشيوخ وذوي الاتجاهات الوطنية وأصبح هؤلاء يكونون القسم الأكبر من أعضائها. وأسهمت اسهامًا مؤثراً في العمل مع جمعية العهد. وكان عناصرها من الشباب الذين كانوا يتميزون بالحماس فضلاً عن الشخصيات البارزة. ومن الأسباب التي دعت الى تأسيس جمعية حرس الاستقلال هو ضعف الاتصال بين قادة جمعية العهد وبين الناس فضلا عن تأخر وصول التوجيهات التي تستدعي السرعة واتخاذ الموقف، وقد أنشأت جمعية حرس الاستقلال فروعاً لها في أنحاء البلاد. وبفضل نشاطها الدعائي الواسع بين الناس استطاعت أن تؤسس فروعاً لها في الكاظمية والنجف والشامية والحلة ومدن عراقية أخرى. وجاء في تقرير الشرطة السرية البريطانية بتاريخ أيار 1919م يذكر الآن أن كل مسلم تقريباً من المتعلمين هو عضو في هذه الجمعية، وتسعى هذه الجمعية الى استقلال البلاد العراقية استقلالاً مطلقاً والسعي الى ضم العراق الى لواء الوحدة العربية وتوحيد كلمة العراقيين على اختلاف مللهم. وقد نشرت الجمعية الاعلانات السياسية والمنشورات التي تدعو على النهوض ومطاردة الاستعمار. 3.جمعية الشبيبة في بغداد تألفت في بغداد بعد الاحتلال البريطاني جمعية سرية عرفت باسم (جمعية الشبيبة) وكان أعضاؤها من الشباب المتحمسين للعمل في الحقل الوطني، وهم سعد صالح وسامي خوندة وآخرون ، وكان هؤلاء الشباب يجتمعون في دار علي البازركان وقسم منهم ينتمون الى جمعية حرس الاستقلال في الهيئة الادارية ، وقد استهدفت الجمعية العمل من اجل تحقيق استقلال العراق وتكوين حكومة وطنية وان من أهم أعمال التي قامت بها هذه الجمعية هي بث الدعاية ضد أعمال المحتلين ولصق اعلانات ومنشورات على جدران البيوت والشوارع العامة وغيرها، ولكون الجمعية سرية فقد كان الاتصال يتم بطريقة العمل الفردي وحرصاً على أعضائها، ويشير سامي خوندة أننا كنا مجموعة من الشباب المتحمسين للعمل الوطني وكنا محتاجين الى الثقافة والوعي وتوجيه الى مكانة بين الناس ، فاعتمدنا في ذلك على كهول جمعية الحرس وأصبحنا نكون جناح الشباب في جمعية حرس الاستقلال وكان اعتماد الجمعية على نشاطها فضلاً عن أن أعضاء جمعية الشبيبة التي كونها الشباب لم يكونوا مدربين على القيام بأعمال سياسية ، وقد انخرط في جمعية حرس الاستقلال ممن كانت لهم صلات حسنة.ونشرت جريدة الأحرار البغدادية عن وثيقة كبيان مشترك وضع من قبل جمعيات العهد وحرس الاستقلال والشبيبة مذيلة بأختامهم الرسمية الخاصة، وقد انتقد هذا المقال الذي نشره حسان نجل علي البازركان. 4.جمعية العهد تأسست هذه الجمعية في استانبول عام 1913م من قبل عزيز علي المصري،وضمت هذه الجمعية مجموعة من العرب والعراقيين ممن كانوا يخدمون في الجيش العثماني .وتألف فرع بغداد عام1919م وضمت الهيأة الادارية لهذا الفرع كل من احمد عزت الاعظمي، وحسن رضا المحامي ، وبهاء الدين النقشبندي وغيرهم. ونتيجة لانقسام جمعية العهد العراقي في بغداد على نفسها، بسبب القاء السلطات البريطانية القبض على عدد من أعضائها، اعلن كل من جلال بابان، وعلي آل بازركان ، ومحمود رامز، وعارف حكمت ، وسعيد حقي، وشاكر محمود وغيرهم، في نهاية شباط عام 1919م ، عن تأسيس جمعية سياسية سرية في بغداد . عرفت بحزب " حرس الاستقلال السري " . اتخذ اسم (جمعية) في البدء لدفع ما قد يحصل في التردد في تأسيسها ، ثم بدل اسمها الى( حزب سياسي سري) .انتمى جلال بابان الى حزب حرس الاستقلال وادى القسم للحزب امام رئيسه ومؤسسه علي البازركان وكان تسلسله العاشر بين المنتمين للحزب انذاك.وفي اواخر آذار من عام1919م جرى انتخاب الهيأة الادارية للجمعية، فضمت كلاً من جلال بابان ، ومحمود رامز ، وشاكر محمود ، وباقر الشبيبي ، وصادق حبة، ومحي الدين السهروردي ، وسعيد حقي ، ومحمد حسن كبة ، وصادق الشهربانلي ، وعبد الرزاق الازري. وضعت الهيأة الادارية للجمعية منهاجاً لها ، استهدف استقلال العراق التام ، وتأليف حكومة دستورية ملكية في العراق تحت ملوكية احد انجال الحسين بن علي ، وبذل الجهود للانضواء الى الوحدة العربية، ولتوحيد الكلمة في البلاد والسعي للتعاون مع الجمعيات العربية، مع تأكيد الجمعية علـــــــى انها تعمل من اجل توحيد كلمة العراقيين على اختلاف مللهم، ويدل على ذلك المضبطة التي كانت موجهة الى مؤتمر الصلح ومجلس عصبة الامم من اعضاء الجمعية في 24 اذار 1919م، التي طالبوا فيها تحقيق استقلال العراق .وبهدف تنسيق الجهود الى تحقيق استقلال البلاد ، فقد عمل جلال بابان في اللجنة المشتركة لحزبي العهد وحرس الاستقلال ، وبذل جهوده في توحيد أعمال الحزبين ، كما حرص على حضور الاجتماع الذي عقدته الهيأة الادارية لحزب الحرس في 25 تموز 1919م ، والذي تقرر فيه بالإجماع رفض المقترحات التي تقدم بها وفد حزب العهد. تطور الحركة الوطنية واندلاع ثورة 30 حزيران 1920( ثورة العشرين) عرض الرئيس الأمريكي(ويلسون)بعد نهاية الحرب العالمية الاولى مبادئ جديدة سميت (نقاط ويلسون الأربع عشرة)ودعا الى منح الشعوب حق تقرير المصير عن طريق الاستفتاء، فضلا عن ذلك التصريح البريطاني- الفرنسي الصادر في 7 تشرين الثاني عام 1918م الذي كان أكثر هذه الوعود تأثيراً في هذا الوضع، ويشير البلاغ والذي ينص في أحدى فقراته ((أننا نرغب بصورة خاصة ان تقدموا الينا بيانا موثوقاً عن وجهة نظر السكان المحليين...)). وقد أرسل ويلسون في 14 تشرين الثاني 1918م برقية الى وزير الهند قال ((سوف لا أكون قد قمت بواجبي اذا لم أسجل قبل كل شيء عن تصريح الانكليزي-الفرنسي بقدر ما يحس-أهالي- بلاد ما بين النهرين سوف يورطنا بمشاكل جسيمة كالمشكلات التي سببتها وعود مكماهون...)). وفي الثلاثين من الشهر نفسه وردت برقية من وزارة الهند حول مستقبل الحكم في العراق وأفضل حكومة في العراق، ويبدو أن المس بيل لم تكن متحمسة حول تشكيل دولة عربية في العراق، وقدم ارنولد ويلسون الى الحكومة البريطانية أنشاء دولة عربية بشكل حذر تشمل ولاية الموصل وبعد أن يتم وضع هذه الدولة تحت حكم أمير عربي يجب دعمها بتعيين مندوب سامي بريطاني ومجموعة من المستشارين، وقد اضطر ويلسون الى عقد اجتماع مهم للعراقيين بالسراي في بغداد حضره اغلب وجهاء بغداد وممثلي حركتها الوطنية، وكان يستنكر أن يطالب العراقيين حكم أنفسهم وكان يرد عليهم بالوعود والبيانات، وكان ويلسون يعد بغداد أهم مراكز للمعارضة في العراق وذلك لكثرة المثقفين فيها من جهة والمتعلمين من جهة أخرى لذا يعد ويلسون المشكلة التي ستواجه في بغداد من المشكلات الصعبة والمهمة لـذا أجـل أجراء الاستفـتاء في بغـداد الى ما بعد الانـتهاء من المناطق الأخرى. لأنهم يطالبون باستمرار استقلال البلاد استقلالاً كاملاً والاقتداء بإخوانهم في سوريا . وكان الشعور القومي في بغداد يتزايد عندما بدأت الدعوة الى وحدة الأراضي العراقية العربية ورغـم التصريح البريطاني- الفرنسي الـذي كـان ذا تأثير واضـح فـي نـفوس المثقـفين وإحـداث غلـيان فـي بغـداد فـقد بـادر المرجعان الدينيان الكبيران كل مـن الميرزا محـمد تـقي الشـيرازي وشيـخ الشـريعة الاصـفهاني الى ارسال كتاب الى الرئيس الأمريكي ويلسون يذكرانه بمبادئه المعروفة ويعرضان عليه آمال الشعب العراقي في اختيار حكومة مستقلة. ورفض الحماية البريطانية، وقد أصدر الحاكم المالكي ويلسون في 30 تشرين الثاني1918م الى جميع حكام الألوية السياسيين في اخذ رأي الشعب، واختيار طراز الحكومة التي يرغبون فيها عن طريق استفتاء في الأمور آلاتية :هل ترغبون في دولة عربية واحدة تحت الوصايا البريطانية تمتد شمال ولاية الموصل،وهل ترغبون أن يرأس هذه الحكومة أمير عربي ،ومن هو الأمير الذي تختارونه لرئاسة هذه الحكومة . وقد جرت اتصالات في بغداد بين جعفر أبو التمن وفي الكاظمية محمد مهدي الصدر واتصلوا بالبصرة بالشيخ عبد المهدي المظفر وتمكنوا من توحيد العمل للرد على الأسئلة، وكان خمسة وأربعون من أعيان بغداد بعثوا رسالة أطلقوا عليها قوات الاحتلال تسميه(إقرارات) كتبت من قبل مسلمين ومشاهير بغداد وحملت توقيعاتهم فضلاً الى اقرارات أبناء الطوائف الأخرى اليهودية والمسيحية مع الإشارة الى أسماء أصحاب هذه الإقرارات حول ذلك الاستفتاء مفادها ((أن يكون احد أنجال الشريف حسين ومقيد بمجلس تشريعي))، وقد بعث أفاضل المسلمين في الكاظمية اقراراً وقد قالوا (( انا بما نحن أمة عربية عراقية وطنية تختار دولة جديدة عربية ملكها مسلم هو احد انجال سيدنا الشريف مقيد بمجلس وطني))وقد بعث هذه الرسالة في يوم الأربعاء 10 كانون الأول 1918م،وفي 29 كانون الأول 1918م بعث احد عشر مسلماً من تجار بغداد رسالة حول الاستفتاء اذ يقولون((أن يكون العراق تحت حكم بريطانيا)) .وفي إقرار آخر((تشكيل حكومة وطنية عربية وهذه الحكومة عند تشكيلها تحتاج لمعاونات ومساعدات ويساعدها في كل أمورها الحكومة المعظمة وتدير أمورها فخامة السير برسي كوكس ومحددة بمدة من الزمن))وحررت هذه الرسالة في 4 كانون الثاني 1919م.في حين بعث ثمانية أشخاص من الشخصيات المعروفة في المجتمع البغدادي يقولون ((أن يكون برسي كوكس هو الذي يدير أمورها)) وذلك في رسالة بعثت في 27 كانون الثاني عام 1919م. وفي الموصل اجتمع بعض العلماء والأشراف ، ووقعوا على مضبطة كتبها القاضي أحمد أفندي الفخري في 10 كانون الثاني1919م هذا نصها:((نعرض الشكر لدولة بريطانيا العظمى على إنقاذنا من الأتراك ،وتخليصنا من الهلاك ،وإعطائنا الحرية والعدالة ،والسعي في ترقي ولايتنا بالتجارة والزراعة والمعارف ،ونشر الأمن في جميع الأطراف . ونؤمل من الدولة المشار إليها أن تحسن علينا بحمايتنا ،وإدارة شؤون ولايتنا إلى زمن يمكن فيه أن نفوز بالنجاح ،ويحصل لنا الترقي والصلاح ، ونسترحم إبلاغ معروضاتنا هذه من سعادتكم إلى عرش الملك جورج الأعظم ، والأمر لمن له الأمر((. بذل البريطانيين سعيهم من أجل جمع تواقيع شيوخ العشائر لصالح الحكم البريطاني ، ولاسيّما في المدن الكبرى كالبصرة ،اذ كان ملاك الأرض مستفيدين من الاحتلال البريطاني، وأغلبهم أعلن عن تأييده الحكم البريطاني المباشر.وفي الموصل صدرت عشرة إعلانات (مضابط)موقعة من ممثلي المؤسسات الدينية ،سبعة منها تعود لغير المسلمين الذين طالبوا بالحكم البريطاني المباشر او الحماية البريطانية.وبيانان للمسلمين وآخر للأكراد الذين أصروا على أنهم لن يعيشوا تحت حكم عربي أبداً،وطالب اليزيدية بذلك أيضاً. كان ويلسون يريد ترشيح السير برسي كوكس حاكما على العراق وحاول تحقيق هذه الغاية بكل الوسائل المتاحة. ومن هذه النصوص يتضح بأن الوطنيين يريدون حكم البلاد واستقلاله حسب ما جرى في هذا الاستفتاء بينما الآخرون يريدون بقاء القوات البريطانية وحكم السير برسي كوكس عليهم.وأن الوطنيين يريدون الأمارة لأحد أنجال الشريف ولاسيما بعدما أصدر المرجع الديني الميرزا محمد تقي الشيرازي فتاوى في ذلك. حاول ويلسون تجنيد بعض العوام لتأييد موقفه. وأصدر أوامره إلى ضباط الارتباط في المدن العراقية بعدم قبول غير الأجوبة المرضية والملائمة للبريطانيين . وبعد حملة واسعة من الابتزاز والتضليل استطاع ضباط جيش الاحتلال البريطاني جمع بعض التواقيع لدعم الاحتلال:وقع بعض أهالي كربلاء مضبطة جاء فيها: ((اجتمعت أفكارنا عموماً ، وصار نظرنا على ما فيه صلاح العموم ، بأن نكون تحت ظل حكومتنا العطوفة الرؤوفة البريطانية العظمى مدة من الزمان لترقي العراق خصوصاً ممالكنا وتعمير بلادنا ويكون بذلك مصلحة العموم)) . أما أغلبية الشعب العراقي فقد رفضت الاحتلال والحكم البريطاني فقد أصدر المرجع الديني الكبير الشيخ محمد تقي الشيرازي فتوى بصدد الاستفتاء في 23 كانون الثاني1919م جاء فيها:(( ليس لأحد من المسلمين أن ينتخب ويختار غير المسلم للإمارة والسلطنة على المسلمين((.واعتبر الشيخ محمد تقي الشيرازي كل من يرغب بحكومة غير مسلمة كافراً . تم استنساخ الفتوى وتوزيعها في المدن والمساجد والمراكز العامة . حسمت هذه الفتوى الموقف ، وأوضحت الموقف الشرعي تجاه الاستفتاء واختيار غير المسلم حاكماً على المسلم بإرادته ورغبته . تصاعد رفض المقترح البريطاني في أنحاء المدن العراقية بتأثير من المدن المقدسة ، النجف وكربلاء والكاظمية ، وبتأثير المجتهدين الذين أيدوا فتوى الشيرازي. ومما تجدر الاشارة اليه ما تضمنه موقف الفقهاء والمجتهدين من بعدين هما: بعدا دينيا فقهيا، إذ توجب الشريعة الإسلامية طاعة أولي الأمر من المسلمين لا سلطة الغزاة. يقول تعالى ((اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)) (النساء : 59). وبعداً سياسياً ، إذ كانت بريطانيا وفرنسا قد وعدتا (حلفائها)العرب بإنشاء دولة عربية بعد تلاشي النفوذ العثماني من المنطقة العربية . فقد جاء في البلاغ البريطاني- الفرنسي الصادر في 7 تشرين الثاني 1918م ((أن الغرض الذي ترمي اليه كل من بريطانيا وفرنسا في الشرق ، هو تأسيس حكومات وإدارات وطنية ، تستمد سلطانها من تأييد رغبة السكان الوطنيين أنفسهم ، ومحض اختيارهم ،واعترافهما بهذه الحكومات)) عندما يتم تأسيسها تأسيساً فعلياً. جاءت فتوى المرجع الديني الكبير الشيخ محمد تقي الشيرازي ترجمة لموقف سياسي ومطالب وطنية أجمع عليها الفقهاء والعلماء والأغلبية الساحقة من أبناء الشعب العراقي.ففي الكاظمية اجتمع العلماء والوجهاء والأشراف في اليوم الثامن من شهر كانون الثاني 1919م وأصدروا وثيقة جاء فيها)): بسم الله الرحمن الرحيم . إننا نطلب أن يكون العراق ، حكومة عربية إسلامية يرأسها ملك عربي مسلم على أن يكون مقيداً بمجلس تشريعي وطني والله ولي التوفيق)) .وكان من أبرز الموقعين: محمد مهدي صدرالدين ، السيد أحمد السيد ، الحاج عبدالحسين الجلبي ، الشيخ عبدالحسين آل الشيخ ياسين ، السيد إبراهيم السلماسي ، السيد حسن الصدر والسيد محسن السيد حيدر .وفي النجف الأشرف عقدت سلسلة اجتماعات تم إثرها الموافقة على وثيقة أعدها السيد كاظم اليزدي طالبت أيضا بتكوين حكومة مستقلة استقلالاً تاماً ناجزاً برئاسة ملك عربي مسلم مقيد بدستور ومجلس تشريعي منتخب. وبدعوة من قاضي بغداد، اجتمع وجهاء وأشراف المدينة وأصدروا بياناً يتضمن المطالب المذكورة آنفاً ولكن كان هنالك من عارض هذه المطالب ومنهم السيد عبد الرحمن النقيب نقيب الأشراف ومتولي الحضرة القادرية الذي قال:((..أن البلاد لم تكن على درجة من النضوج تؤهلها لأي نوع من أنواع الحكم العربي)). وكان يدعو إلى استمرار الاحتلال البريطاني وعلى الحاجة إلى وجود القوات البريطانية وأعرب عن رفضة حتى لفكرة استفتاء الرأي العام عن مستقبل البلاد.فكافئه المحتل برئاسة الحكومة فيما بعد.وكان رد علماء السنة هو المزيد من التآلف والتعاون بين العلماء السنة والشيعة،وتوقيع وثيقة مشتركة في يوم الاربعاء 22 كانون الثاني 1919م جاء فيها:((إننا ممثلو الإسلام من الشيعة والسنة من سكان مدينة بغداد وضواحيها، بما أننا أمة عربية وإسلامية قد اخترنا أن تكون لبلاد العراق الممتدة من شمالي الموصل إلى الخليج دولة عربية يرأسها ملك عربي مسلم مقيداً بمجلس تشريعي وطني مقره عاصمة العراق بغداد((. فشلت الإدارة البريطانية في إقناع العراقيين بالحكم المباشر، رغم أن الخيار الآخر ليس بعيداً عن نفوذها،فالملك فيصل بن الشريف حسين كان على علاقة وثيقة بها قبل سنوات عبر الجاسوس البريطاني لورنس الذي رتب الثورة العربية على الدولة العثمانية. أصيب الشعب العراقي بخيبة أمل مريرة ،بعد أن تكشفت مخططات البريطانيين في الهيمنة على البلاد،اذ ما كاد يتخلص من الاستعمار العثماني،ليقع تحت نير الاستعمار البريطاني الجديد،الذي بدأ يركز أقدامه،ويجمع حوله عدد من الضباط السابقين ،في الجيش العثماني فضلاً عن عدد من كبار رؤساء العشائر الذين منحتهم قوات الاحتلال مقاطعات واسعة من الأراضي،لتربط مصيرهم بالاستعمار الجديد، وتحمي مصالحها . لكن الشعب العراقي لم يكن راضياً على ما آلت إليه الأمور،وبدأت طلائعه الثورية تعبئ الجماهير الشعبية وتحثها على الكفاح ضد الاستعمار البريطاني الجديد،وتدعو إلى الاستقلال الوطني الناجز. أخذ قادة حركة التحرر الوطني يعلنون معارضتهم للاحتلال البريطاني ،ويشدون همم الشعب للنهوض والدفاع عن حريتهم واستقلال بلادهم،وأخذت بذور الثورة تنمو وتكبر يوماً بعد يوم،وكانت الانتفاضات الشعبية تتوالى في النجف،وأبو صخير والحلة وكربلاء والكوفة والسليمانية والعمادية،مشددين الضغط على قوات الاحتلال لإجبار بريطانيا على الوفاء بوعودها التي قطعتها على نفسها بمنح الحرية والاستقلال لسائر البلدان العربية. وكان على رأس حركة التحرر الوطني هذه المثقفين والتجار المستنيرين،ورجال الدين،وشيوخ العشائر الوطنيين. وفي السليمانية اندلعت ثورة الشيخ محمود الحفيد في عام 1919م،بعد أن أدرك الحفيد أن البريطانيين ليسوا مهتمين بحقوق الشعب الكردي القومية، وانهم إنما أرادوا إسكاته عندما عينوه حاكماً اسمياً على السليمانية،فقد كانت السلطة الحقيقية بيد مستشاره البريطاني،الميجر نوئيل.ودارت رحى المعارك الدامية بين قوات الاحتلال البريطاني من جهة ، والشعب الكردي من جهة أخرى ، وبسبب عدم تكافؤ القوى بين الطرفين استطاعت القوات البريطانية إخماد الثورة ، وألقت القبض على الشيخ الحفيد بعد أصابته بجروح أثناء المعارك ونفته إلى الهند ، ولكن إلى حين، اذ لم يهدأ الشعب الكردي على الضيم الذي أصابه ، وأخذ يستعد للجولة القادمة التي توجت بثورة وطنية شملت مختلف مناطق العراق في 30 حزيران 1920.

فایل های دیگر این دسته